1مقدمة :
كانت في عهد فيغنر (wegener)، تسود الفكرة التي طورها الجيولوجي النمساوي سواس (Suess) من خلال منشوراته (وجه الأرضLa face de la terre ) والتي تنص على أن القارات مكونة من مواد غرانيتية خفيفة نسبيا (كثافتها تقارب 2.8) تسبح فوق مواد بزالتية بكثافة أكبر نسبيا (3.3) و التي تكون قاع المحيطات. كانت تسمى الطبقة المشكلة من الغرانيت؛ نظرا لتكونها من السليسيوم (Si) و الألمنيوم Al، ب SIAL ، بينما كانت تسمى الطبقة البزالتية الغنية ب Si و Mg ، SIMA . و قد قورنت الطبقة الغرانيتية بالنسبة للطبقة البزالتية بسباحة القطع الجليدية الضخمة (Iceberg) على الماء. يسمح هذا التوازن لقطع (SIAL) أن تتحرك رأسيا؛ حيث تتمكن القارات أن ترتفع بعد كل عملية تعرية للحفاظ على التوازن، مثل ما يحدث لمركبة بحرية عندما تخفف أو تفرغ من شحنتها. و قد طورت هذه الفرضية عن طريق برات (Pratt)، دوتن (Dutton) و إيري (Airy). قدمت بعض الأدلة حول هذه الفرضية، نتيجة الدراسات التي قام بها بعض الجيولوجيين و من بينهم السويدي (De Geer) حول دراسة الحركة الرأسية للدرع السكندينافي (Bouclier Scandinave) الذي كان مغطى بكميات هائلة من الجليد و بعد الذوبان التدريجي لهذا الجليد ( نتيجة تغير الطقس) لوحظ الإرتفاع التدريجي لهذا الدرع مع الزمن نتيجة تناقص وزن الجليد، مثلما يحدث للمركبة البحرية السالفة الذكر.
بدأت فكرة انزياح القارات عندما رسمت خرائط جغرافية دقيقة للعالم. بما أن الحركات الرأسية للقارات ممكنة، فلما لا تكون الحركات الأفقية ممكنة كذلك؟ و منه جاءت الفكرة. و حاول عالم الأرصاد ألفرد فيغنر (Alfred wegener) إلصاق حافات القارات حيث لاحظ تطابقا بينها و هذا ما دفعه إلى وضع فرضية مفادها أن القارات الحالية تحركت و لم تكن في وضعها الحالي. كانت تشكل القارات الحالية قارة واحدة، أطلق عليها إسم بانجيا (Pangea) (و تعني كل اليابسة) (الشكل 1) والتي كانت محاطة بمحيط شاسع اسمه بانتلاسا (Panthalassa). بدأت هذه القارة بالإنقسام إلى أجزاء أصغر ثم أخذت بالإنزياح عن بعضها البعض حتى وصلت إلى الوضع الحالي للقارات (الشكل 2). الجدير بالذكر أن هذا الإنزياح البطيء مستمر إلى يومنا بمعدل بضعة سنتيمترات في السنة وتتم القياسات، حاليا، بواسطة الأقمار الاصطناعية .
و بهذا تكون القارات قد مرت ، قبل وضعها الحالي، على عدة مراحل أهمها (أنظر الأشكال 3).
-2الأدلة المؤيدة لفرضية انزياح القارات:
أ-تطابق حافات القارات:
يمثل الشكل نتائج دراسات في مطابقة إفريقيا مع أمريكا الجنوبية باستعمال الحاسوب و يلاحظ أن هناك تطابقا إلى حد كبير (الشكل 4).
ب- تشابه أنواع الحفريات :
أكدت الدراسات العديدة على وجود تشابه بين أنواع حفريات انقرضت قديما (مثل بعض الزواحف) تكون قد عاشت على قارات إفريقيا، أمريكا، أستراليا… (الشكل 5) و هذا يعد دليلا على أن القارات كانت متصلة إذ لا يمكن لهذه الزواحف البرية الانتقال عبر المحيطات .
جـ- دليل أنواع الصخور و التراكيب:
يبين الشكل كيف تتواصل السلاسل الجبلية لمختلف القارات و تكتمل عند إلصاق القارات لتكوين القارة العظمى (Pangea). مثلا، تتجه سلسلة جبال الأبلاش (Appalaches) ، شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية و تنتهي عند حافة القارة و لا نجدها في المحيط الأطلسي(الشكل 6) ؛ بينما توجد جبال مشابهة لها في العمر و التراكيب في القطب الشمالي و شمال أوروبا و شمال غرب أفريقيا... نلاحظ، عند تركيب القارات، كما هو موضح في الشكل ، أن هذه السلاسل الجبلية تكون حزاما متواصلا تقريبا مما يرجح صحة فرضية الإنزياح القاري. يلاحظ كذلك أنه يحدث نفس التواصل فيما يخص الدروع (Boucliers) المتواجدة في إفريقيا وأمريكا الجنوبية عند تركيب القارتين ( الشكل 7).
د- الدليل المستمد من المناخ القديم :
عثر على رسوبيات جليدية عمرها حوالي 250 مليون سنة في جنوب القارة الإفريقية و أمريكا الجنوبية و الهند و أستراليا و القطب الجنوبي (الشكل 8).
لقد فسر الجيولوجيون ذلك بأن هذه القارات كانت متجمعة في موقع آخر (يختلف على الموقع الحالي ) حول القطب الجنوبي كما يظهر في الشكل 9، في ظروف ملائمة لتكوين الجليديات آنذاك و يكون توزيع الترسبات الجليدية في هذه القارات دليلا على عملية انزياح القارات حيث كان يصعب تفسير انتشار هذه الجليديات التي تتميز بأعمار متقاربة و موزعة على عدة أماكن مختلفة قبل الاعتماد على فكرة انزياح القارات.
هـ-دليل المغناطيسية القديمة:
لقد سمحت الدراسات المغناطيسية القديمة لصخور بركانية في أوروبا و أمريكا الشمالية بمعرفة مواقع الأقطاب المغناطيسية عند تبلور هذه الصخور البركانية. لقد تمت هذه الدراسات بالإعتماد على اتجاه المعادن المغناطيسية الموجودة في الصخور البركانية القديمة حيث تتجه هذه المعادن في اتجاه مواز للمجال المغناطيسي الأرضي في ذلك الوقت و تقوم بعمل الإبرة المغناطيسية في إشارتها إلى القطبين المغناطيسيين (الشكل 10) ؛ عندما تتصلب الماغما تثبت المعادن المغناطيسية و تحتفظ باتجاه المجال المغناطيسي الأرضي عند تبرد الصخور البركانية و تسمى هذه الظاهرة بالمغناطيسية القديمة (Paléomagnétisme) .
نستنتج من هنا أن وضعية المعادن المغناطيسية التي تبلورت منذ ملايين السنين تساعدنا على تحديد موقع القطبين المغناطيسيين بالإعتماد على اتجاهها و زاوية ميلها الممثلة لزاوية الميل المغناطيسي. يتبين، من هذا المنطلق، أن زاوية الميل المغناطيسي المقاسة للمغناطيسية القديمة تدل على خط العرض الذي تكون فيه الصخر بالنسبة للقطبين.
عند القيام بالدراسات المغناطيسية للصخور البركانية القديمة في أوروبا و أمريكا الشمالية، تمكنا من معرفة مواقع الأقطاب المغناطيسية عند تبلور هذا النوع من الصخور البركانية و كانت النتائج غريبة إذ تبين أن موقع القطب المغناطيسي للقارة الواحدة كان يختلف باختلاف الأزمنة الجيولوجية و عند إيصال النقاط الممثلة لمواقع القطب المغناطيسي الشمالي عبر هذه الأزمنة المختلفة على خريطة (الشكل 11) ، تم الحصول على منحنى يسمى ب(التجول الظاهري للقطب).
السؤال الذي كان يطرح هو: هل تغير مواقع الأقطاب مع الزمن للقارة الواحدة كان تغير حقيقي أو تغير ظاهري؟
لقد لوحظ أنه في حالة إعادة تركيب القارات فإن مواقع القطب الشمالي للقارات تنطبق في نقطة واحدة، مما يدل على أن القارات هي التي انزاحت و تحركت و ليست الأقطاب.
و – توسع قاع المحيط :
اكتشفت في القرن العشرين سلاسل جبلية في قاع المحيط سميت ب ظهر أو حيد المحيط (Rift médio-océanique) و التي تحتوي على شقوق كبيرة تخرج منها الحمم البركانية باستمرار(الشكل 12) . يلاحظ من هذا الشكل أن صخور الحيد الخاص بوسط المحيط الأطلسي ذات اتجاهات موازية للحافات القارية على جانبي المحيط الأطلسي. كذلك، بينت الدراسات التي أجريت على عينات ملتقطة من القشرة المحيطية أن عمر هذه العينات يزداد بصفة تناظرية كلما ابتعدنا عن محور سلسلة حيد المحيط و اقتربنا من القارات (الشكل 13) و أكبر عمر لهذه العينات لا يزيد عن 160 مليون سنة . يدل هذا أيضا على أن عمر قاع المحيطات أحدث عمرا من القارات التي تبلغ أعمارها أحيانا عدة مليارات من السنين.
انطلاقا من هذه المعطيات، قدم العالم هاس (Hess) تفسيرات تدعم فكرة انزياح القارات مفادها أن قاع المحيط كان و ما زال يتسع. يفسرالشكل الموالي المراحل الأساسية الخاصة بكيفية نشأة قاع المحيط و يمكن تلخيص هذه المراحل على النحو التالي:
المرحلة الأولى: يوضح الشكل 14 صفيحة قارية تتعرض إلى صعود الصهير (الماغما) من الغلاف العلوي و نتيجة ذلك تتمدد الطبقة الصخرية القارية بفعل الحرارة و من ثم تتقوس إلى الأعلى فتنشأ من ذلك تشققات عدة في صخور الصفيحة. يستمر اندفاع الصهير أسفل الصفيحة و على خارجها بواسطة براكين على جانبي الشق، الأمر الذي يؤدي إلى كسر الصفيحة القارية إلى صفيحتين (الشكل 15) مع حدوث انخفاضات مرفقة بانهدامات و خير مثال على ذلك وادي الإنهدام بشرق إفريقيا (الشكل 16).
المرحلة الثانية: باستمرار تباعد الصفيحتين القاريتين عن بعضها البعض و اندفاع الصهير إلى السطح يتكون غلاف صخري جديد بينها و في وسطه حيد محيطي و بتوسع قاع المحيط يتحول الإنهدام إلى بحر ضيق كما هو الحال في البحر الأحمر حاليا (الشكل 17) نتيجة انفصال صفيحة شبه الجزيرة العربية عن صفيحة إفريقيا.
المرحلة الثالثة: باستمرار عملية توسع البحر الضيق يتحول في النهاية إلى محيط واسع (الشكل 18) و مثال ذلك المحيط الأطلسي.
-3قائمة بعض المراجع :
v وقع أنترنات لجامعة لافال بكندا ( Université Laval – CANADA).
v مجموعة من الأساتذة (1996). علوم الأرض و البيئة. المديرية العامة للمناهج. وزارة التربية و التعليم. المملكة الأردنية الهاشمية.
v روبرت ج. فوستر – 1989 .(ترجمة الأساتذة: عبد القادر عابد، شاكر رسمي المقبل و سعد حسن الباشا). الجيولوجيا العامة .ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر.
v ALLEGRE Claude (1983). L’écume de la terre. Ed. Fayard.
v BOILLOT G. (1979). Géologie des marges continentales. Ed. Masson.
v TARLING D.H et M.P (1980). La dérive des continents. Ed. Doin.
- 4بعض المصطلحات:
عربي –فرنسي.Arabe - Français
أقطاب مغناطيسية
Pôles magnétiques
أقمار اصطناعية
Satellites
انزياح
Dérive
بزالتية
Basaltique
جليديات
Glaciers
حافات القارات
Limites des continents
الحفريات
Fossiles
حمم
Lave
حيد (أو ظهر) محيطي
Rift océanique
درع سكندينافي
Bouclier Scaandinave
دروع
Boucliers
رأسيا
Verticalement
صخور بركانية
Roches volcaniques
غرانيتية
Granitique
فرضية
Hypothèse
قارات
Continents
قاع المحيطات
Fond des océans
كثافة
Densité
ماغما(صهير)
Magma
محيط
Océan
محيط أطلسي
Océan Atlantique
مراحل
Etapes
مغناطيسية قديمة
Paléomagnétisme
مناخ قديم
Paléoclimat
فرنسي – عربي. Français – Arabe
Basaltique
بزالتية
Bouclier Scaandinave
درع سكندينافي
Boucliers
دروع
Continents
قارات
Densité
كثافة
Dérive
انزياح
Etapes
مراحل
Fond des océans
قاع المحيطات
Fossiles
الحفريات
Glaciers
جليديات
Granitique
غرانيتية
Hypothèse
فرضية
Lave
حمم
Limites des continents
حافات القارات
Magma
ماغما(صهير)
Océan
محيط
Océan Atlantique
محيط أطلسي
Paléoclimat
مناخ قديم
Paléomagnétisme
مغناطيسية قديمة
Pôles magnétiques
أقطاب مغناطيسية
Rift océanique
حيد (أو ظهر) محيطي
Roches volcaniques
صخور بركانية
Satellites
أقمار اصطناعية
Verticalement
رأسيا
-5أسئلة تطبيقية:
كيف تختلف زاوية الميل المغناطيسي في نصف الكرة الأرضية الجنوبي عنه في الشمالي؟
قارن بين القشرة القارية و القشرة المحيطية من حيث التركيب و الكثافة.
ما هي العلاقة بين قشرة قاع المحيط و الغلاف؟
لماذا يقل عمر صخور قشرة قاع المحيط كلما توجهنا نحو حيد المحيط؟
لماذا قشرة قاع المحيط أحدث عمرا من قشرة القارات؟
ما تفسيرك لعدم وجود رسوبيات في قاع المحيط أقدم من العمر الجوراسي؟
بعض المساعدة على الأجوبة:
يكون الميل المغناطيسي في النصف الجنوبي للكرة الأرضية نحو الأعلى بينما في النصف الشمالي فيكون نحو الأسفل.
القشرة القارية مكونة أساسا من مواد غرانيتية و كثافتها بجوار 2.8بينما القشرة المحيطية مكونة من مواد بزالتية و كثافتها تقارب 3.3.
تتكون قشرة قاع المحيط من صهير ينبثق من الغلاف.
4و 5 و : 6 ارجع إلى " توسع قاع المحيط " من الأدلة المؤيدة لفرضية انزياح القارات.